قطعة الإنترنت
1. حين نتحدث عن ثقافة الإنترنت، ينصرف حديثنا لأول وهلة إلى جوانبها الفنية، التي سرعان ما تتوارى لتبرز جوانبها الاجتماعية والثقافية. وكان من الطبيعي أن تكون شبكة الإنترنت أسرع مما سبق من وسائل الاتصال الحديثة في نزع قناعها التقني لتكشف عن نفسها بصفتها ساحة ثقافية في المقام الأول، فهي تتعامل مع جميع عناصر المنظومة الثقافية، سواء اعتبرت الثقافة تراثاً قومياً، أو إبداعيًا وتعبيريًا.
2. إضافة إلى ذلك، تسهم هذه الشبكة في تشكيل وعي الفئات الاجتماعية، وتلعب دورًا حيويًا في تكامل منظومة الثقافة مع منظومة التربية والإعلام والاقتصاد. والأهم من ذلك كله أن هذه البنية المعلوماتية الجديدة توفر ـــ ربما لأول مرة ـــ بيئة مثالية لحوار الثقافات.
3. كان شاغل البشرية هو العلاقة بين التنمية والبيئة، وكيف نحمي التنوع البيولوجي من الانقراض بسبب التطبيق الأعمى لتكنولوجيا الصناعة دون مراعاة لآثارها الجانبية. وأصبح شاغلنا الآن هو كيف نحمي التنوع الثقافي من الانقراض بسبب إساءة استخدام تكنولوجيا المعلومات، وهيمنة ثقافة واحدة ولغة واحدة على لغات العالم وثقافاته.
4. لقد باتت هذه القضية المحورية هي شاغل الجميع بعد اتضاح ما لوسائل الاتصال الحديثة، وعلى رأسها الإنترنت، من إمكانيات تؤهلها لتصبح أمضى أسلحة الهيمنة الثقافية والاقتصادية والسياسية، بل الأمنية أيضاً. هذا الهاجس المخيف جثم على مؤتمر حول الثقافة والتنمية عقد في استكهولم عام 1998 م ، خلص إلى ضرورة النظر إلى تكنولوجيا المعلومات من منظور ثقافي تنموي، وضرورة تكاتف الشعوب والأمم من أجل التصدي لظاهرة التجنيس، أي التماثل الثقافي، الجاري حاليا على قدم وساق.
5. وتمثل الإنترنت بالنسبة لنا، نحن العرب، تحدياً ثقافياً قاسياً على الجبهات جميعهاً؛ فقد أصبحنا في ظلها مهددين بفجوة لغوية تفصل بين العربية ولغات العالم ومهددين بضمور شديد في نتاجنا الإعلامي وإبداعنا، ومهددين أيضاً بسلب تراثنا من فنون شعبية، وأزياء، وطرز معمارية، وغيرها. لكن الإنترنت، في الوقت نفسه، تفتح أمامنا فرصاً عدة هي : تثبيت ثقافتنا العربية، بصفتها ثقافة إنسانية أصيلة وتعويض تخلفنا في كثير من مجالات العمل الثقافي، وممارسة حقنا في نشرها، بالإضافة إلى استمساكنا بها، وبيانها على حقيقتها للعالم.
6. إن الموقف يتطلب إعادة النظر بصورة عميقة في سياساتنا الثقافية تجاوباً مع ثقافة الإنترنت، وذلك في إطار الاستراتيجية الشاملة للثقافة العربية التي أعدتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ووفقاً لتوصيات مؤتمر إستكهولم المشار إليه.
(10) نستنتج من عموم النص أن (الثقافة) تعني:
خيارات الإجابة